يلعب التبرع بالأعضاء دورًا حيويًا في إنقاذ حياة الآلاف من المرضى الذين يعانون من الفشل العضوي والأمراض المؤدية له. حيث إننا نُعرف الفشل العضوي بأنه عدم قدرة العضو الحيوي في جسم الإنسان على أداء وظيفته بشكل يناسب احتياج الجسم. وإنه وحسب البيانات المدخلة في السجل الوطني لمرضى الفشل العضوي، يعاني أكثر من ١٨ ألف شخص في المملكة العربية السعودية من الفشل الكلوي والذي يعتبر أكثر أنواع الفشل العضوي انتشارًا في المملكة. التبرع بالأعضاء يساهم في توفير أعضاء حيوية تحل محل الأعضاء التي فشلت مما يساهم في إنقاذ وتحسين جودة حياة المرضى.
يعتبر المركز السعودي لزراعة الأعضاء الجهة المشرفة على برامج ومراكز زراعة الأعضاء والتبرع بها في المملكة العربية السعودية. حيث ينتشر حول المملكة ٢٩ مركز زراعة أعضاء معتمد وأكثر من ١٥٠ مستشفى مانح للأعضاء. ويعمل المركز السعودي لزراعة الأعضاء بالتنسيق مع كافة الجهات لتتم رحلة التبرع وزراعة الأعضاء على أتم وجه.
ما هو التبرع بالأعضاء والأنسجة؟
التبرع بالأعضاء والأنسجة هو عملية نقل عضو أو نسيج من شخص (مانح) إلى شخص آخر (متلقي) بهدف استبدال عضو تالف أو مصاب بآخر سليم. حيث يمكن أن يكون المانح متبرعًا حيًا أو متبرعًا متوفى دماغيًا. يستطيع الشخص الحي التبرع بجزء من كبده، أو إحدى كليتيه، أو النخاع العظمي. بينما يساهم المتوفى دماغيًا بإنقاذ وتحسين حياة أكثر من ٩ أشخاص، حيث تشمل الأعضاء التي يمكن التبرع بها الكليتين، والكبد، والقلب، والرئتين، والبنكرياس، والأمعاء بالإضافة إلى الأنسجة مثل صمامات القلب، والقرنية، والعظام. وتتطلب هذه العمليات تنسيقًا عاليًا بين فرق طبية متخصصة لضمان نجاح الزراعة وتقليل المضاعفات واحتماليات رفض العضو المزروع.
التبرع .. يمنح الأمل وينقذ الأرواح
تؤثر الإصابة بالفشل العضوي على حياة المصابين، مصاب الفشل الكلوي على سبيل المثال يقضي ما يقارب ٧٢٠ ساعة سنويًا في مراكز الغسيل مما يؤثر على حياته العملية والاجتماعية. التبرع بالكلى لزراعتها بجسد مصابي الفشل الكلوي يمكنهم من العودة إلى حياتهم الطبيعية والتمتع بصحة أفضل دون الحاجة إلى الغسيل الكلوي المستمر. على صعيد آخر قلب الإنسان هو العضو المسؤول عن ضخ الدم لكافة أنحاء الجسم، في حال فشله تعد زراعة القلب الخيار الوحيد لإنقاذ حياة مرضى الفشل القلب في مراحله النهائية. حيث وحسب آخر الإحصائيات فإنه يوجد ١٣٠ مريض بانتظار زراعة قلب.
تبرع المتوفين دماغيًا يمنح هؤلاء المرض الأمل وينقذهم من المعاناة. وعلى الرغم من أن عمليات زراعة الأعضاء مكلفة، إلا أنها تساهم في إنقاذ الآخرين وتحسين جودة حياتهم بالإضافة لتخفيف الأعباء الطبية والمادية لقطاعات الصحة على المدى الطويل.
التحديات التي تواجهها المملكة العربية السعودية وما هو دور الفرد لتعزيز ثقافة التبرع
لا يزال من أكبر التحديات التي تواجهها المملكة العربية السعودية هو قلة أعداد المتبرعين مقارنةً بالاحتياج الراهن، حيث إنه وبالرغم من وجود متبرعين إلا أن عدد المتبرعين لا يزال غير كافٍ لإنقاذ من هم على قوائم الانتظار. قوائم الانتظار الطويلة تزيد من معاناة المرضى وتقلل فرصتهم في الحصول على عضو في الوقت المناسب. من الناحية الأخرى فإن تداول المعلومات المغلوطة يعد تحدي عند التخطيط والعمل على الوعي المجتمعي، ولمواجهة مثل هذه التحديات يجب التأني قبل تداول أي معلومة وأخذها من أصحاب الاختصاص. كما أن لأصحاب الاختصاص دور أساسي في تكثيف البرامج وتحديث المراجع الخاصة بالتبرع وزراعة الأعضاء في المملكة والعمل على إتاحتها بشكل سهل الوصول له من قبل كافة أفراد المجتمع. كما يجب أن لا يغفل أصحاب الاختصاص والعاملين في مجال التبرع وزراعة الأعضاء على تطوير المعرفة والمهارات لديهم، وإنه على كل منشأة دعم وتدريب الممارسين والعاملين وتوفير الاحتياجات التي تساهم في تطبيق رحلة تبرع وزراعة أعضاء آمنة وناجحة.
كأفراد في المجتمع لكلٍ منا دور في نشر الوعي حول التبرع بالأعضاء، دورك يمكن في أخذ المعلومة من المصدر الصحيح ومشاركتها مع من حولك، فثقافة التبرع ورغبتك في إنقاذ الآخرين ومنحهم الأمل تبدأ من محيطك، بل من منزلك.
إذا كنت ترغب بأن تكون جزءًا من تخفيف المعاناة ومنح الآخرين حياة سجل رغبتك بالتبرع بالأعضاء عبر تطبيق توكلنا ولا تنسى مشاركة هذه الرغبة مع عائلتك.
دور المركز السعودي لزراعة الأعضاء
المركز السعودي لزراعة الأعضاء هو الجهة المشرفة على برامج ومراكز زراعة الأعضاء والتبرع بها في المملكة العربية السعودية. حيث يقوم بإعداد وتحديث المعايير والمواصفات والشروط والضوابط الخاصة لاعتماد مراكز زراعة الأعضاء والمستشفيات المانحة. يقوم أيضًا بتقويم المنشآت بشكل دوري ومتابعتها مع جهة الاختصاص، ومراقبة برامج زراعة الأعضاء فنيًا ومتابعتها. ومما لاشك فيه ولأهمية تطوير الممارسين والعاملين في مجال التبرع وزراعة الأعضاء فإن المركز السعودي لزراعة الأعضاء يقوم بعقد الدورات، والمؤتمرات، وبرامج التعليم والتدريب في شتى مجالات الفشل العضوي والتبرع بالأعضاء وزراعتها. وفيما يخص المجتمع فإن المركز يعمل على تطوير وتنفيذ برامج التوعية والتثقيف الصحي في مجال الفشل العضوي وزراعة الأعضاء والتبرع بها. ويساهم المركز أيضًا في تقديم الدعم اللازم للمرضى والمتبرعين على حد سواء. كما يشرف على تسجيل مرضى الفشل العضوي في السجل الوطني لمرضى الفشل العضوي، ودعم المتبرعين، والزارعين، ومتابعتهم.
التبرع بالأعضاء هو عمل نبيل يمكن أن ينقذ حياة العديد من الأشخاص ويحسن جودتها. وبفضل التطورات الطبية والتقنيات المستخدمة، أصبحت زراعة الأعضاء أكثر أمانًا وفعالية من أي وقت مضى. جهود كافة القطاعات بإشراف المركز السعودي لزراعة الأعضاء لا شي دون أفراد المجتمع، لنتكاتف جميعًا لتعزيز ثقافة التبرع بالأعضاء وزيادة الوعي بأهميتها، مما يمنح الآخرين الأمل ويساهم في تحسين وإنقاذ حياتهم من خلال هذه المبادرة الإنسانية النبيلة.